يوم الاربعاء 17 صفر ذكرى استشهاد الامام الرضا (ع)
۞ زيارة الامام الرضا (ع) ۞
۞ دعواتكم لاهلنا في البحرين و القطيف ۞
۞ دعاء يوم الاربعاء ۞
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحَمْدُ للّهِ ِ الَّذِي جَعَلَ اللّيْلَ لِباسّا وَالنَّوْمَ سُباتاً ، وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً ، لَكَ الحَمْدُ أَنْ بَعَثْتَنِي مِنْ مَرْقَدِي وَلَوْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ سَرْمَداً ، حَمْدا دائِماً لايَنْقَطِعُ أَبَداً وَلايُحْصِي لَهُ الخَلائِقُ عَدَداً . اللّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْ خَلَقْتَ فَسَوَّيْتَ وَقَدَّرْتَ وَقَضَيْتَ وَأَمَتَّ وَأَحْيَيْتَ وَأَمْرَضْتَ وَشَفَيْتَ وَعافَيْتَ وَأَبْلَيْتَ ، وَعَلى العَرْشِ اسْتَوَيْتَ وَعَلى المُلْكِ احْتَوَيْتَ . أَدْعُوكَ دُعأَ مَنْ ضَعُفَتْ وَسِيلَتُهُ وَانْقَطَعَتْ حِيلَتُهُ وَاقْتَرَبَ أَجَلُهُ وَتَدانى فِي الدُّنْيا أَمَلُهُ ، وَاشْتَدَّتْ إِلى رَحْمَتِكَ فاقَتُهُ وَعَظُمَتْ لِتَفْرِيطِهِ حَسْرَتُهُ وَكَثُرَتْ زَلَّتُهُ وَعَثْرَتُهُ وَخَلُصَتْ لِوَجْهِكَ تَوْبَتُهُ . فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ ، وَارْزُقْنِي شَفاعَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَلاتَحْرِمْنِي صُحْبَتَهُ إِنَّكَ أَنْتَ أَرحَمُ الرّاحِمِينَ . اللّهُمَّ اقْضِ لِي فِي الاَرْبِعأِ أَرْبَعاً : اجْعَلْ قُوَّتِي فِي طاعَتِكَ ، وَنَشاطِي فِي عِبادَتِكَ ، وَرَغْبَتِي فِي ثَوابِكَ ، وَزُهْدِي فِيما يُوجِبُ لِي أَلِيمَ عِقابِكَ ، إِنَّكَ لَطِيفٌ لِما تَشأُ .
۞ ذكر يوم الاربعاء ۞
100 مرة
ياحي يا قيوم
۞ زيارة اليوم ۞
يَوْمُ الاربعاءِ
وَهُو باسم مُوسى بن جعفر وعلي بن مُوسى الرّضا ومحمّد التقي وعلي النقي
زيارتهم (عليهم السلام)
اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَوْلِياءَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا حُجَجَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا نُورَ اللهِ فى ظُلُماتِ الاَْرْضِ اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَعَلى آلِ بَيْتِكُمُ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى لَقَدْ عَبَدْتُمُ اللهَ مُخْلِصينَ وَجاهَدْتُمْ فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ حَتّى أتاكم الْيَقينُ فَلَعَنَ اللهُ اَعْداءكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ اَجَمْعَينَ وَاَنَا اَبْرَأُ اِلَى اللهِ وَاِلَيْكُمْ مِنْهُمْ، يا مَوْلايَ يا اَبا اِبْراهيمَ مُوسَى بْنَ جَعْفَر يا مَوْلايَ يا اَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسى يا مَوْلايَ يا اَبا جَعْفَر مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يا مَوْلايَ يا اَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّد اَنَا مَوْلىً لَكُمْ مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَجَهْرِكُمْ مُتَضَيِّفٌ بِكُمْ في يَوْمِكُمْ هذا وَهُوَ يَوْمُ الاَْرْبَعاءِ وَمُسْتَجيرٌ بِكُمْ فَاَضيفُوني وَ اَجيرُوني بِـآلِ بَيْتِـكُـمُ الطَّيـِّبيـنَ الطّاهِـريـنَ
۞ صلاة يوم الاربعاء ۞
عن النبي (ص)
من صلى اثنتي عشرة ركعة بالحمد مرة والتوحيد والمعوذتين ثلاثاً ثلاثاً ، نُودي من عند العرش استأنف العمل فقد غفر ك ما تقدم من ذنبك وما تأخر . وعن الإمام العسكري (ع) : من صلى يوم الأربعاء أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد والإخلاص وسورة القدر ، تاب الله عليه من كل ذنب وزوّجه من الحور العين .
۞ اخلاق الامام الرضا (ع) ۞
الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) هم النخبة الذين اصطفاهم الله لهداية الناس بالحقّ ، فكانوا المثَل الأعلى في الإنسانية والخلق الكريم
يقول ” إبراهيم بن العباس ” : ما رأيت أبا الحسن الرضا جفا أحداً بكلامه قط ، وما رأيته قطَع على أحد كلامه حتى يفرغ منه ، وما ردّ أحداً من حاجة يقدر عليها ، وما مدّ رجليه بين جليس له قط ، ولا اتّكأ بين يدي جليس له قط ، ولا شتم أحداً من مواليه ومماليكه قط ، ولا رأيته تفل قط ، ولا تقهقه في ضحكه ، بل ضحكه التبسم ، وكان إذا خلا ونصبت مائدته أجلس معه عليها مماليكه حتى البواب والسائس ، ومن زعم انه رأى مثله في فضله فلا تصدّقوه
ورافق أحدهم الإمام الرضا في رحلته إلى خراسان ، فدعا الإمام بالمائدة وجمع عليها مواليه ومماليكه لتناول الطعام ، فقال الرجل : يابن رسول الله لو جعلت لهؤلاء مائدة لوحدهم ؟
فقال الإمام الرضا ( عليه السلام ) : إن الرب تبارك وتعالى واحد ، والأب واحد والأم واحدة ، والجزاء بالأعمال
وخاطب أحدهم الإمام قائلاً : والله ما على وجه الأرض أشرف منك أباً . فقال الإمام : التقوى شرّفتهم
وأقسم آخر أيضاً قائلاً : أنت والله خيرُ الناس
فأجاب الإمام : لا تحلف يا هذا ، خيرٌ مني من كان أتقى لله عزّ وجل . . والله ما نُسخت هذه الآية ” وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم “
كان الإمام الرضا ( عليه السلام ) جالساً يحدّث الناس وهم يسألون عن الحلال والحرام ، فدخل رجل من أهل خراسان ، وقال
السلام عليك يا بن رسول الله ، أنا رجل من محبّيك و محبّي آبائك وأجدادك (عليهم السلام ) ، عُدتُ من الحج ، وقد أضعت نفقتي وليس عندي شيء ، فإن رأيت أن تنهضني إلى بلدي ولله علي نعمة ، فإذا وصلت تصدّقت عنك بنفس المبلغ الذي تعطيني إيّاه ، فأنا رجل لا أستحقّ الصدقة
فقال الإمام بلطف : اجلس رحمك الله
ثم استأنف حديثه مع الناس حتى انصرفوا ، فنهض الإمام ودخل الحجرة وأخرج يده من وراء الباب ونادى : أين الخراساني ؟ فأجابه
فقال الإمام : هذه مائتا دينار فاستعن بها على سفرك ولا تتصدّق عني
فأخذها الخراساني و ودع الإمام شاكراً
بعدها خرج الإمام ، فقال أحد أصحابه : لماذا سترت وجهك عنه يا بن رسول الله ؟
فقال الإمام : حتى لا أرى ذلّ السؤال في وجهه . أما سمعت حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله ) : ” المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة ، والمذيع بالسيئة مخذول ، والمستتر بها مغفور له “
لا تغترّ :
كان ” أحمد البزنطي ” واحداً من العلماء الكبار ، تبادل مع الإمام كثيراً من الرسائل ، آمن بعدها بإمامة الرضا ( عليه السلام ) ، وقد روى هذه الحكاية :
طلب الإمام الرضا ( عليه السلام ) حضوري وأرسل لي حماراً له ، فجلسنا نتحدّث ، ثم قدّم العشاء فتعشيت ، ثم عرض عليّ المبيت فقلت : بلى جعلت فداك ، فطرح بنفسه علي ملحفة وكساء وقال لي : بيّتك الله في عافية ، وكنّا على السطح
ونزل الإمام ، فقلت في نفسي : لقد نلت كرامة من الإمام ما نالها أحد ، وداخلني الغرور
وفي الصباح ودّعني الإمام وشدّ على كفي قائلاً : إنّ أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) أتى صعصعة بن صوحان يعوده في مرضه ، فلما أراد أن ينهض قال له : يا صعصعة لا تفتخر على إخوانك بعيادتي إياك
كأنما قرأ الإمام ما يجول في خاطره ، فوعظه وذكّره بعيادة جدّه الإمام علي ( عليه السلام ) لأحد أصحابه
۞ لطمية ۞
الاكرف – الامام الرضا (ع)
۞ حكمة اليوم ۞
قال الامام الرضا (ع)
المؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق ، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل ، وإذا قدر لم يأخذ أكثر من حقه
۞ الامام الرضا (ع) و زيد ۞
كان زيد أخو الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، ثار في مدينة البصرة وأحرق بيوت العباسيين ، فلُقِّب بزيد النار
أرسل إليه المأمون جيشاً كبيراً ، وبعد معارك طاحنة ، طلب زيدٌ الأمان فسلّم نفسه وأُخذ أسيراً
وعندما أصبح الإمام ولياً للعهد ، ارتأى المأمون أن يرسله إلى الإمام
كان الإمام غاضباً من عمل أخيه زيد لكثرة ما أحرق من البيوت وما صادره من أموال .
قال الإمام لأخيه : ويحك يا زيد ما الذي غرّك حتى أرقت الدماء وقطعت السبيل ، أغرّك قول أهل الكوفة ، أن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذرّيتها على النار ! ويحك يا زيد إنّ ذلك ليس لي ولا لك ، لقد عنى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بذلك حسناً وحسيناً ، والله ما نالا ذلك إلا بطاعة الله ، فإن كنت ترى أنك تعصي الله وتدخل الجنة فأنت إذن أكرم على الله منهما ومن أبيك موسى بن جعفر
قال زيد : أنا أخوك
فقال الإمام : أنت أخي ما أطعت الله عز وجل ، وإنّ نوحاً قال : ربّ إنّ أبني من أهلي وإنّ وعدك الحق وأنت أرحم الراحمين فقال له الله عز وجل : ” يا نوح انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح “
۞ ثواب الاعمال ۞
فضل زيارة الامام الرضا (ع)
عن عليّ عن أبيه، عن عبدالرحمان بن حمّاد، عن عبدالله بن إبراهيم عن أبيه، عن حسين بن زيد، عن الصادق عليه السّلام قال: سمعته يقول: يخرج رجل من ولْد ابني موسى، اسمه اسم أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فيُدفن في أرض طوس وهي خراسان، يُقتل فيها بالسمّ فيُدفن فيها غريباً، مَن زاره عارفاً بحقّه أعطاه الله عزّوجلّ أجرَ مَن أنفق قبل الفتح وقاتَل
۞ التصميم الرضوي ۞
۞ مناظرات الامام الرضا (ع) ۞
جمع المأمون زعماء الأديان والمذاهب وأمرهم بمناظرة الإمام الرضا ( عليه السلام).
كان المأمون يهدف إلى إحراج الإمام بأسئلتهم . وكان ” النوفلي ” من أصحاب الرضا ( عليه السلام ) وقد سأله الإمام : أتدري لماذا جمع المأمون أهل الشرك ؟
فقال النوفلي : إنه يريد امتحانك
فقال الإمام : يا نوفلي أتحبّ أن تعلم متى يندم المأمون ؟
قال النوفلي : نعم
قال الإمام : إذا سمع احتجاجي على أهل التوراة بتوراتهم وعلى أهل الإنجيل بإنجيلهم وعلى أهل الزبور بزبورهم ، وعلى الصابئين بعبرانيتهم
توضأ الإمام وانطلق مع أصحابه إلى قصر الخلافة ، وبدأ الحوار
قال الجاثليق : أنا لا أريد أن يحاججني رجل بالقرآن لأني أنكره ولا بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) لأني لا أؤمن به .
قال الإمام الرضا : فإن احتججت عليك بالإنجيل أتومن ؟
فقال الجاثليق : نعم و أقرّ به
قرأ الإمام الرضا جزءاً من الإنجيل ، حيث بشّر عيسى بظهور نبي جديد ، كما أخبره بعدد الحواريين ، وقرأ عليه أيضاً كتاب أشعيا
قال الجاثليق مدهوشاً : وحق المسيح ما ظننت أن في علماء المسلمين مثلك
والتفت الإمام إلى رأس الجالوت واحتجّ عليه بالتوراة والزبور
وكان ” عمران الصابي ” متكلماً ، فسأل الإمام عن وحدانية الله ومسائل كثيرة ، حتى حان وقت صلاة الظهر ، فنهض الإمام إلى الصلاة
وبعد الصلاة استأنف الإمام حواره مع ” عمران ” حتى انصاع لدين الله الحق ، فاتجه نحو القبلة وسجد لله معلناً إسلامه
۞ فيديو ۞
مناظرة الإمام الرضا عليه السلام مع الديانات الأخرى ج1
مناظرة الإمام الرضا عليه السلام مع الديانات الأخرى ج2
۞ قصة الغزال ۞
هل تعرف ما هي قصة ( ضامن آهو ) ؟؟!!
نقلا من بعض التواريخ : أن كان للسلطان سنجر أو أحد وزرائه ولد أُصيب بالدقّ ،
فحكم الأطباء عليه بالتفرج والاشتغال بالصيد ، فكان من أمره أن خرج يوما مع
بعض غلمانه وحاشيته في طلب الصيد ، فبينما هو كذلك فإذا هو بغزال مارق من
بين يديه فأرسل فرسه في طلبه ، وجدّ في العدْو فالتجأ الغزال إلى قبر الإمام
علي بن موسى الرضا (ع) فوصل ابن الملك إلى ذلك المقام المنيع ، والمأمن الرفيع
الذي مَن دخله كان آمنا ، وحاول صيد الغزال فلم تجسر خيله على الإقدام عليه ،
فتحيّروا من ذلك ، فأمر ابن الملك غلمانه وحاشيته بالنزول من خيولهم ، ونزل هو
معهم ومشى حافياً مع كمال الأدب نحو المرقد الشريف ، وألقى نفسه على المرقد وأخذ
في الابتهال إلى حضرة ذي الجلال ، ويسأل شفاء علته من صاحب المرقد ، فعوفي
فأخذوا جميعا في الفرح والسرور ، وبشّروا الملك بما لاقاه ولده من الصحة ببركة صاحب
المرقد ، وقالوا له : إنه مقيم عليه ولا يتحوّل منه حتى يصل البنّاؤون إليه فيبني عليه قبة
ويستحدث هناك بلدا ويشيده ليبقى بعده تذكاراً ، ولما بلغ السلطان ذلك ، سجد لله شكراً
ومن حينه وجّه نحوه المعمارين ، وبنوا على مشهده بقعة وقبة وسورا يدور على البلد
۞ قوافل زوّار الإمام الرضا (ع) من أهل السنّة ۞
ابن حَبّان البُستي ( ت 354 هـ )
أبو حاتم محمّد بن حَبّان البُستي ( م 354 هـ ) أحد محدّثي أهل السنّة وعلمائهم البارزين في علم الرجال خلال القرن الرابع الهجري، ألّف كتابَين مهمَّين في علم الرجال، أوّلها « كتاب الثقات »، والثاني « كتاب المجروحين »، إضافة إلى مؤلّفاته في المجالات الأخرى
يقول ابن حَبّان في كتاب « الثقات » ي خاتمة ترجمته للإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام: مات عليّ بن موسى الرضا بطوس من شربةٍ سقاه إيّاها المأمون، فمات من ساعته، وذلك في يوم السبت آخر يوم سنة ثلاث ومائتين، وقبره بسناباد خارج النُّوقان مشهور يُزار بجنب قبر الرشيد. قد زُرتُه مراراً كثيرة، وما حَلّت بي شدّةٌ في وقتِ مقامي بطوس، فزُرتُ قبرَ عليّ بن موسى الرضا صلوات الله على جدّه وعليه ودعوتُ الله إزالتها عنّي، إلاّ استُجيب لي وزالت عني تلك الشدّة، وهذا شيءٌ قد جرّبتُه مِراراً فوجدتُه كذلك، أماتَنا الله على محبّة المصطفى وأهل بيته صلّى الله عليه وعليهم أجمعين
۞ اسفار الامام الرضا (ع) ۞
السفر إلى مرو
لا أحد يعرف الأسباب الحقيقية التي دفعت المأمون إلى انتخاب الإمام الرضا (عليه السلام ) لولاية العهد
كان الإمام الرضا ( عليه السلام ) في المدينة المنورة عندما جاء أمر الخليفة بالسفر إلى مرو
شدّ الإمام الرحال إلى خراسان ، فوصل البصرة ومنها توجه إلى بغداد ثم توقف في مدينة قم حيث استقبل استقبالاً حافلاً ، ودخل الإمام ضيفاً في أحد بيوتها ، هو اليوم يحمل اسم المدرسة الرضوية
في نيسابور :
كانت نيسابور مدينة عامرة ، وكانت مركزاً من مراكز العلم ، ثم دُمّرت أيام الهجوم المغولي
استقبل أهل نيسابور موكب الإمام بفرح ، وكان في طليعتهم المئات من العلماء وطلاّب العلم
وتجمع العلماء والمحدثون حول موكب الإمام ؛ والأقلام بأيديهم ينتظرون من الإمام أن يحدّثهم بأحاديث جدّه النبي ( صلى الله عليه وآله )
وتعلّق بعضهم بلجام بغلة الإمام ، وأقسموا عليه قائلين : بحق آبائك الطاهرين إلاّ ما حدّثتنا بحديث نستفيده منك
فقال الإمام ( عليه السلام ) : سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمد يقول : سمعت أبي محمد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : سمعت جبريل يقول : سمعت الله عزّ وجل يقول : لا إله إلاّ الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي
وقد اشتهر هذا الحديث باسم ” حديث سلسلة الذهب ” ، وقد بلغ عدد الذين كتبوا هذا الحديث عشرين ألفاً
غادر الإمام نيسابور صباحاً ، وفي الطريق حان وقت صلاة الظهر ، فطلب الإمام ماءً للوضوء فاعتذر مرافقوه
بحث الإمام في الأرض ، فنبع الماء فتوضأ وتوضأ من كان معه ، وما يزال أثره حتى اليوم .
وصل الإمام مدينة ” سنا آباد ” وأسند ظهره إلى جبل هناك كان الناس ينحتون منه قدوراً للطبخ فدعا الله أن يبارك فيه وأمر أن ينحتوا قدورا له
ودخل الإمام دار حميد بن قحطبة الطائي ودخل القبّة التي فيها قبر هارون الرشيد ، ثم خط بيده إلى جانب القبر وقال :
هذه تربتي وفيها أُدفن ، وسيجعل الله هذا المكان مزاراً لشيعتي ، والله ما يزورني منهم زائر إلاّ وجب له غفران الله ورحمته بشفاعتنا أهل البيت ( عليهم السلام ) .ثم صلى ركعات وسجد ثم صلى ركعات وسجد سجدة طويلة سبّح الله فيها خمسمائة مرّة
مرو :
وصل الإمام الرضا ( عليه السلام ) ” مرو ” واستُقبل من قبل المأمون استقبالاً حافلاً . . محاطاً بكلّ مظاهر الاحترام
عرَض المأمون على الإمام التنازل عن الخلافة ، ولكن الإمام رفض ذلك ، وكان يعرف نوايا المأمون .
لقد قتل المأمون أخاه الأمين من أجل الحكم والخلافة ، فكيف يتنازل عنها ؟ !
أراد المأمون أن يتقرّب إلى الناس بالتظاهر بحبّه لأهل البيت ( عليهم السلام ) قرّر المأمون فرض ولاية العهد للإمام ولو بالقوة
أمام إلحاح المأمون وإصراره حتى تهديده ، وافق الإمام على أن يكون ولياً للعهد شرط إلاّ يتدخّل في شؤون الحكم
ضُربت النقود باسم الإمام ، وترك الناس لبس السواد وهو شعار العباسيين ، ولبسوا الأخضر شعار العلويين
زوّج المأمونُ ابنته ” أم حبيبة ” من الإمام الرضا ، كما زوج ابنته الأخرى من ابن الإمام ؛ وهو محمد الجواد ( عليه السلام )
۞ فيديو ۞
مشهد قطعة من الجنة ج 1
مشهد قطعة من الجنة ج 2
۞ صلاة العيد ۞
بُويع الإمام بولاية العهد في 5 رمضان سنة 201 . وبعد 25 يوماً أطلّ الأوّل من شوّال عيد الفطر ، فأمر المأمون الإمام الرضا بإمامة المصلّين في صلاة العيد
واعتذر الإمام عن ذلك ، وذكّره بالشروط ، ولكن المأمون أصرّ على موقفه ، وظلّ يبعث الرسل خلف الإمام .
واستجاب الإمام شرط أن يخرج إلى الصلاة بالطريقة التي خرج فيها رسولُ الله (صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام )
وافق المأمون على ذلك وأمر القادة العسكريين بالاستعداد والامتثال وأن يخرجوا إلى منزل الإمام مبكرين
واحتشد الناس في الطرقات وفوق سطوح المنازل ، واصطفّ الجنود ينتظرون خروج الإمام
أشرقت الشمس وأرسلت خيوطها الذهبية وغمرت الأرض بالدفء والنور
اغتسل الإمام الرضا ، وارتدى ثياباً وعمامة بيضاء وألقى طرفاً من عمامته صدره وترك الآخر بين كتفيه ، وتعطّر وأخذ بيده عكازاً وأمر مقرّبيه ومواليه بأن يفعلوا كما يفعل ، وخرجوا بين يديه ، وكان الإمام حافياً
مشى الإمام قليلاً ، ثم رفع صوته وهتف : الله اكبر . فكبر معه مواليه
وعندما لاح الإمام ورآه الجنود و القادة على هذه الهيئة ، ترجّلوا عن أفراسهم ، وقطعوا أربطة أحذيتهم واحتَفَوا
كبّر الإمام على الباب ، فكبر الناس ، وارتفع صوت التكبير حتى هزّ المدينة بأسرها ، وخرج الناس من منازلهم ، وازدحمت بهم الشوارع
لقد شهد الناس أعياداً كثيرة . . . وحضروا صلاة العيد مرّات ومرّات وكانت تتمّ بكل أبّهة ، فاصطدموا هذه المرّة بمراسم بعيدة كل البعد عن التكبُّر . . قريبة كل القرب من روح الإسلام ، بل هي الإسلام الذي جاء به النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وها هو حفيده الرضا يبعثه من جديد
كان الجواسيس يرصدون حركات الإمام والناس ، فنقلوا تقاريرهم إلى المأمون على وجه السرعة وحذّروه من مغبّة استمرار الإمام في طريقه لأداء الصلاة ، وماذا سيقول في خطبة العيد فأرسل المأمون مندوبه إلى الإمام في الطريق ينقل له رسالة شفوية من المأمون : لقد أتعبناك يا بن رسول الله ولسنا نحب لك إلا الراحة فارجع ، وعاد الإمام وسط تساؤلات الناس الذين بهرتهم هيئة الإمام وتواضعه الذي يحكي تواضع آبائه وأجداده
۞ تصميم ۞
۞ ااهداف المأمون ۞
لا ينكر أحد ذكاء المأمون ودهاءه السياسي ، لقد أراد من وراء تعيين الإمام الرضا ولياً للعهد أن يحقِّق بعض أهدافه السياسية ؛ وهي
1. إرضاء العلويين من الناقمين على الحكم العباسي والذين رفعوا لواء الثورة في كل مكان من خلال بعض الإجراءات الشكلية كولاية العهد ، وإحلال اللباس الأخضر محل الأسود
2. إغراء العلويين بالمناصب الحكومية لكي يثبت للناس أن ثوراتهم كانت من اجل الحكم والسلطة وأنهم لا يريدون تطبيق العدالة بل يهدفون إلى الحصول على حصتهم من ثروات الحكم
3.سعى المأمون إلى جمع زعماء العلويين في العاصمة ثم العمل على تصفيتهم الواحد بعد الآخر والتخلص منهم ، كما حدث للإمام الرضا . لا ننسى أن الإمام كان يدرك جميع حيل المأمون وكان يسعى إلى إحباطها من خلال مواقف عديدة كما حصل في حواره مع زعماء الأديان أو صلاة العيد ، أو رفضه التدخل في شؤون الدولة والسياسة والحكم
۞ ادعية الامام الرضا (ع) ۞
دعاؤه في تفريج الغموم و الهموم
اَللّهُمَّ اَنْتَ في كُلِّ كَرْبٍ، وَ اَنْتَ رَجائي في كُلِّ شِدَّةٍ، وَ اَنْتَ لي في كُلِّ اَمْرٍ نَزَلَ بي ثِقَةً وَ عُدَّةً، كَمْ مِنْ كَرْبٍ يَضْعُفُ عَنْهُ الفُؤادُ، وَ تَقِلّ فيهِ الحيلَةُ، وَ تَعْيي فيهِ الأمُورُ، وَ يَخْذُلُ فيهِ البَعيدُ وَ القَريبُ وَ الصِّدّيقُ، وَ يَشْمُتُ فيهِ العَدُوّ، اَنْزَلْتُهُ بِكَ وَ شَكَوْتُهُ اِلَيْكَ، راغِباً اِليْكَ فيهِ عَمَّنْ سِواكَ، فَفَرَّجْتَهُ وَ كَشَفْتَهُ وَ كَفَيْتَنيهِ
فَاَنْتَ وَليُ كُلِّ نِعْمَةٍ، وَ صاحِبُ كُلِّ حاجَةٍ، وَ مُنْتَهى كُلِّ رَغْبَةٍ، فَلَكَ الحَمْدُ كَثيراً وَ لَكَ المَنّ فاضِلاً، بِنِعْمَتِكَ تَتِمُ الصالِحاتُ
يا مَعْرُوفاً بِالمَعْرُوفِ مَعْرُوفٌ، وَ يا مَنْ هُوَ بِالمَعْرُوفِ مَوْصُوفٌ، اَنِلْني مِنْ مَعْرُوفِكَ مَعْرُوفاً تُغْنيني بِهِ عَنْ مَعْرُوفِ مَنْ سِواكَ، بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ
۞الامام الرضا (ع) و دعبل ۞
كان للشعر في تلك الأيام أهمية فائقة ، وكان يقوم مقام الصحف في أيامنا من الدعاية والإعلام والتأثير ، وكان الحكام يشجّعون الشعراء ويمنحونهم المكافآت الكبيرة لتدعيم حكمهم
كان بعض الشعراء يرفض التملق إلى الحكومات ، ويبقى إلى جانب الحق حتى لو كان فقيراً ومضطهداً ، كما نرى مثل ذلك في دعبل الخزاعي شاعر أهل البيت ( عليهم السلام )
سجّل التاريخ لقاء الشاعر دعبل الخزاعي بالإمام الرضا ( عليه السلام ) ، فقد روى أبو الصلت الهروي قال : دخل دعبل الخزاعي على الإمام الرضا ( عليه السلام ) في مرو وقال له : يابن رسول الله أني قد قلت فيكم قصيدة وعاهدت نفسي ألاّ أنشدها أحداً قبلك ، فرحّب به الإمام وشكره وطلب منه إنشادها
وبدأ دعبل يترنّم بأشعاره ، وقد جاء فيها :
مدارس آياتٍ خلت من تلاوةٍ ومنزلُ وحيٍ مقفر العرصاتِ
قبور ” بكوفان ” وأخرى ” بطيبة وأخرى ” بفخٍّ ” نالها صلواتي
وقبر ببغداد لنفسٍ زكيةٍ تضمّنها الرحمن في الغرفاتِ
فقال الإمام مرتجلاً :
وقبر بطوس يا لها من مصيبةٍ ألحّت على الأحشاء بالزفرات
فقال دعبل متعجباً : لا أعلم قبراً بطوس ! فلمن هذا القبر ؟!
فقال الإمام : إنه قبري يا دعبل .
واستأنف الشاعر إنشاده مستعرضاً الآلام والمصائب التي عصفت بأهل البيت (عليهم السلام ) ، وكان الإمام يبكي ويكفكف دموعه
قدم الإمام 100 دينار جائزة لدعبل ، اعتذر دعبل عن قبولها وطلب ثوباً من ثيابه يتبرّك به ، فأهداه الإمام جبّة من الخز ، إضافة إلى المئة الدينار
وانصرف دعبل ، وفي طريق عودته اعترض قطاع الطرق القافلة التي كان فيها وأخذوا جميع ما كان معه ، وجلس اللصوص يقتسمون ما سلبوه من القافلة ، فأنشد أحدهم بيتاً من القصيدة
أرى فيئهم في غيرهم متقسِّماً وأيديهم من فيئهم صفراتِ
سمع دعبل الخزاعي فسأل الرجل : لمن هذا الشعر ؟ فأجابه الرجل : لدعبل الخزاعي
فقال دعبل : أنا هو ، فردّوا عليه أمواله ، كما ردّوا أموال القافلة إكراماً له ، واعتذروا إليه
وعندما وصل مدينة قم عرَض عليه البعض ألف دينار مقابل ثوب الإمام فرفض دعبل ، وتبعه بعض الشباب خارج المدينة وانتزعوا الجبّة بالقوة وأعطوه الألف دينار إضافة إلى قطعة من الثوب يتبرك بها ، وودّعهم راضياً
وفي عودته وجد زوجته تشكو ألماً في عينيها ، فراجع الأطباء فقالوا : أن لا فائدة من علاجها ، وأنها ستعمى
تألّم دعبل كثيراً ، وتذكّر قطعة الثوب ، فعصّب بها عينيها من أول الليل حتى الصباح ، فنهضت وهي لا تشكو ألماً ببركة الإمام الرضا ( عليه السلام )
۞ شهادة الامام الرضا (ع) ۞
كان المأمون ينتهز الفرص للتخلّص من الإمام الرضا ( عليه السلام ) بعد أن يئس من إغرائه في السلطة ،
وبقي كما هو طاهراً ، بعيداً عن الدنيا ، زاهداً فيها
وفي بغداد أعلن العباسيون تمرّدهم ، وبايعوا المغنّي خليفةً بدل المأمون خوفاً من انتقال الخلافة إلى العلويين
ولكي يرضي المأمون بني العباس في بغداد ويحتفظَ بالخلافة ، قرّر اغتيال الإمام ، فدسّ إليه السمّ في العنب
واستشهد الإمام ، متأثراً بالسم ، فمضى إلى الله مظلوماً شهيداً
استشهد الإمام سنة 203 هجرية ودُفن في مدينة طوس ( مشهد ) حيث مرقده الآن
تظاهر المأمون بالحزن لكي يدفع عن نفسه الشبهات والتهم التي تحوم حوله
وقد اشترك في تشييع الإمام حافياً وهو يبكي
۞ فيديو ۞
استشهاد الامام الرضا ع ومواراته الثرى
۞ قصة واقعية ۞
تعالَي للزيارة يا آبنتي
ـ أقول.. لماذا لا تأخُذنَها إلى مشهد ؟
سألتْ إحدى المزارعات من معارفهم. وتدخّلت أخرى ممتلئة الجسم مؤيّدة:
ـ إي والله.. يعني ماذا تنتظرنَ أن يصيب البنت أكثر من هذا ؟! البنت ستموت.. ستُجَنّ. قلبي يحترق عليك يا « گُلْ جَمال » (1). لا أُطيق أن أراها هكذا.. لا أُطيق.. وشرعت تَنشِج، فدمعت عيون الأُخريات. بادَرَت ثالثة وهي تُعيد ربطَ غطاء رأسها حول وجهها المستطيل:
ـ أنا حاضرة لأروح معها إلى مشهد. أطفالي أتركهم عند أبيهم. يومان.. ثلاثة، ونعود.
قالت المرأة الباكية وهي تمسح دموعها براحة كفّها:
ـ أروح معك.. نأخذها للإمام الرضا غريب الغُرباء. گُلْ جمال غريبة أيضاً. يا حسرتي عليها! كانت مثل الوردة، مثل الـ…
قاطَعَتها مُزارِعة أكبر منهنّ سنّاً، مُتَغضِّنة الوجه.. وهي تشير بيدها المعروقة:
ـ ومتى ستأخُذنَها ؟ لا تتأخَّرْنَ. اليوم قبلَ باكر. أُجرة سيّارة الذَّهاب علَيّ.
أجابتها المرأة المستطيلة الوجه:
ـ بفضل الله وفضلك، معنا نقود.. إن شاء الله تكفي.
رفعت المرأة المُسنّة رأسها قائلة:
ـ كما أقول لَكُنّ. أُحبّ خدمة گُل جمال، خاصة وهي تذهب لطلب شفائها من الإمام.
وأخيراً.. قَرّ قرار اثنتين من النسوة أن يُرافقنَ الفتاة بالحافلة في السفر إلى مدينة الرضا عليه السّلام.
* * *
منذ سنوات.. نزحت أسرة گُل جمال إلى جُرجان، من قرية تابعة لمحافظة « سِيسْتان وبُلوِجستان » القابعة في وسط الصحراء. كان أبوها « بُرْزُو » واحداً من المزارعين الكِثار الذين يكدحون لاستخراج لقمة العيش من أرض الآباء والأجداد. صحيح أنّه نزح من أرضه عقب سنين شاقّة من الجفاف، غير أنّه ظلّ ـ في الأرض الجديدة الواقعة في الشمال الشرقيّ البعيد ـ محتفظاً بخصاله المحليّة الموروثة: قلّة في الكلام، ووفرة الطاقة على الكدح والتحمّل. على رغمه هاجر من الأرض، كما هاجر غيره كثيرون. ماذا بوسع مُزارعٍ أن يصنع في سنين عِجافٍ طويلة.. ومن حوله تترامى، على مساحات شاسعة، صحارى قاحلة كأنّها لم تَعرف في حياتها شيئاً اسمُه: الماء ؟!
التحق وأسرته بمؤسسة زراعيّة كبيرة في إحدى نواحي مدينة جُرجان.. يعمل فيها ـ كما يعمل معه أفراد أسرته ـ في زراعة الأرض. جهدٌ مُضْنٍ، من أوّل الصبح إلى غروب الشمس. لم يَبقَ لهم من أرض الآباء المهجورة سوى الذكريات ولون البَشَرة الداكن، وسوى العيون السُّود الوسيعة التي تُريق الدمع بين وقت وآخر، أسىً على ما فات، وحلماً في العَودة التي لا تكون!
بين اليأس المكتوم والحُلم المستعصي.. تَقَضّت سنوات. تبكير يوميّ للأرض والتراب والمحراث والمِسحاة ومناجل الحصاد. الجميع يعملون لتوفير خبز اليوم: بُرزُو وزوجته وابنتاه.. وأولاده الصغار لا يعرفون من حياتهم إلاّ الشغل المُرهق، وإلاّ الصبر العنيد.
الأمّ يُفنيها إرهاق الشغل المتواصل، وتقع عاجزة واهنة. بَصَرُ الأب يأخذ بالضَّعف السريع. إنّه ـ وقد تقدّمت به سنوات العمر ـ تخذله عينه التي يبصر بنورها الأشياء. كلاهما أمسى عاطلاً قَعيد الدار.
وعلى الرغم من هذا كلّه.. لم تكن الأسرة تَسخَط ولا تتبرّم. ثَمّةَ غِبطة تُدغدغ الخواطر حاملة عَبَق الرجاء: البنت الكبرى قد اتّخذت سبيلها إلى بيت الزوجيّة، وأنجبت من زواجها أوّل وليد. وگُل جمال البنت الثانية التي فَتَلَتها تجارب العيش.. ما تزال دؤوبة تنهض بأعباء المزرعة، وتلبّي حاجات أبوَيها وإخوتها الصغار. إنّ گل جمال لأسرتها قرّةُ عين. فتاة غالية جدّاً على قلوب الأسرة. ولعلّها أطيب فتاة بين فتيات المزارع المجاورة. مِن قلبها تحبّ التطوّع بالعون للآخرين. وربّما كانت هذه السَّريرة النقيّة التي تتعامل بها مع الناس هي التي حبَّبتها إليهم. وجهُها المرح يُشرق دائماً بابتسامة السرور. تُشمِّر عن ذراعيها لأداء أعمال المزرعة وغير أعمال المزرعة: الخياطة في المنزل، الغسل والتنظيف، خدمة الأمّ العاجزة والأب الكفيف، والسهر على خمسة إخوة لها صغار.
وإذا ما سَئمت من شغل المزرعة قالت لنفسها: أظلّ اشتغل. إخواني يكبرون يوماً بعد يوم. وفي النهاية سوف تبتسم لنا الحياة.. فما الضَّير من العمل ؟ ما الضير من المشقّة ؟! أنا بنت المشقّات، أنا رَجُل البيت.. ما الضير إذن ؟!
* * *
كان القمر يبثّ نوره الشفيف في عرض السماء، لمّا احتدمت فجأة ـ في ليلة من ليالي جرجان ـ غيوم معتمة، فحَجَبته بغتةً عن الأنظار! انزَلَقَت الأسرة إلى حَيرة حالكة وقلق مروّع، من دون سابق إنذار!
لقد فُقِدت ابنتُهم الكبرى. لم ترجع إلى دار زوجها طيلة الليل! لم يكن ثَمَّ إلاّ احتمال واحد: إنّ المرأة قد اختُطِفت! المُلابَسات المعقّدة للقضيّة لا تَنِمّ عن غير الاختطاف. رضيعها يبكي صارخاً من الجوع، وما للأمّ من خبر.
عصر اليوم التالي.. عثروا عليها بين الأعشاب. كانت ابنة بُرزُو الكبرى قتيلة قد خَمَدت منها الأنفاس!
إنّها محنة جديدة تضاف إلى محن الأسرة. لكنّها جاءت هذه المرّة مُداهِمة صاعقة تحمل ذهول المفاجآت المُرنِّحة. وكان على الأبوَين وعلى گل جمال ـ وحتّى على الصغار ـ أن يتجرّعوا مرارةَ كَمَدٍ مُمِضّ جعلهم يتآكلون من الداخل، كغَرسة يُنخِّرها سُوس كريهٌ عابث!
ازدادت حالة الأمّ وخامة، وبدأ الأب يفقد قدرة ساقَيه على الحركة بعد أن فقد قدرته على الإبصار. غدا مُقعداً تماماً. أمّا الابتسامة التي كانت تُضيء وجه گل جمال فقد آمَّحَت وضاعت في المجهول. وجهٌ ناحل كئيب يقطر منه غمّ مُوجع، كثيراً ما يبلّله ماء العيون. غدت كثيرة الرَّواح إلى المقبرة. تَسلَّط عليها داء نفسيّ يقذف بها من مرارة إلى مرارة. ما تخرج من نوبة كآبة حادّة إلاّ لتدخل في نوبةٍ أشدَّ وأعتى.
إنّ رؤية فتاة المزرعة الحنون الطيّبة في هذه المأساة الجديدة لا يثير غير التأسّف والشفقة والأنكسار. لا أحد يرى گل جمال إلاّ ويذرف الدمع بغير اختيار. وكانت تلك لأبيها بُرزو قاصمةَ الظَّهر!
* * *
مرور الدقائق والساعات كان يعني مزيداً من التوغّل القَسريّ في المأساة. عملوا بكلّ اقتراحٍ نطقت به الأفواه. راجعو كلَّ مَن أُشير عليهم بمراجعتهم من كتبة الطَّلاسِم والأحراز. ثمّ ذهبوا بها إلى أطبّاء مركز مدينة جرجان.. لعلّ البنت تستردّ شيئاً من عافيتها. لكنّ تغييراً لم يَحدُث.. حتّى التَقَت تلك النسوة المزارعات من معارفهم والجيران، وكان العزم على حملها إلى مشهد الإمام الرضا عليه السّلام في خراسان.
* * *
في الساعة السابعة من صباح اليوم الثاني والعشرين من شهر أيّار سنة 1992.. ودّعت گل جمال أهلها بنظرات باكية تنضح بالأسف، فهي تعلم أنّها تتركهم اليوم بدون مُعيل. ومن قرية « علي آباد » مَضَت هي ومُرافِقَتاها تِلقاء الشرق، تقطع بهم حافلةُ الركّاب الطريقَ نحو المزار القدسيّ بين جبلَي طوس.
لم تكد النسوة الثلاث تصل إلى مدينة مشهد حتّى وضعن أمتعتهنّ في نُزُلٍ للمسافرين. وعلى الفور توجّهنَ نحو الحضرة الرضويّة الزاهرة. وفي صحن المشربة العتيق.. أمسكت گل جمال بمشبّك النافذة ، فانهلّت منها دموع العين. راحت تبكي وتبكي من القلب، بدون خجل من أحد. إنّ ها هنا ملجأ البائسين المُعدَمين، ومأوى الملهوفين والمكروبين، ومأمن الخائفين والمضطرّين. هنا ينبعث حديث القلب عَفْوياً صادقاً كأوضح ما يكون الصدق. هنا تتفتّح الفطرة المَنسيّة تحت الركام لتنطق بلغتها الخاصة. لا يَعنيك مَن حولَك. لا تتهيّبْ ولا يمنعك الخجل. هنا بابٌ.. كلُّ الذين أتَوه إنّما أتَوه ضارعين طالبين مطَرَ الرحمة الإلهيّ. كلّهم يبوح بهمومه وبأشجان ضميره، ويرجو من همومه الخلاص. وكانت گل جمال بين يَدَي إمامها تبوح:
ـ يا ضامن الغزالة الحائرة، يا ملاذ اللائذين. أنا گُل جمال! معيلة لثمانية أنفُس. أنتَ تعلم أنّ أبي أعمى، وأمّي مشلولة الساقَين. لا أحد لوليد أختي المقتولة. إخواني الخمسة عيونهم بانتظاري. بدوني يجوعون. لا رجاء لي غيرك. شافِني وعافِني.. يا مولاي يا أبا الجواد، أسألك بعزيزك الجواد..
باحت بكلّ مكنون سرّها وهي تنشج نشيجاً عميقاً، ثمّ وقعت في إغماء. حُملت إلى « دار الشفاء الرضويّة » التابعة للحضرة، ومن هناك نُقلت بسيارة الإسعاف إلى مستشفى « القائم ». وبعد المعاينة الأوليّة وتزريق عدّة إبر وكتابة وصفة طبيّة.. أوصى الطبيبُ بأخذها صباح غد إلى مستشفى « الرازي » للأمراض النفسية والعصبيّة، لترقد فيها للعلاج.
وعلى الرغم من تناولها الدواء.. أُغمي عليها في نُزُل المسافرين ثلاث مرّات. وما تفيق من إغمائها حتّى تغفو دقائق معدودة. وفي غفوة من إغفاءاتها.. دخلت الفتاة في حلم. حلم جميل هو أجمل ما رأته في حياتها من أحلام: تجلّى لها سيّد أخضر الثياب. خاطبها بأعذب نبرة وأرقّ لفظ:
ـ تعالَي للزيارة يا آبنتي.
وثَبَت گل جمال من النوم. وبرفقة المرأتين، قصدت الحضرة الرضويّة على الفور غير أنّها لم تكد تلامس مشبّك النافذة حتّى أُغمي عليها. ومرّةً أخرى حَضَر نور التجلّي القدسيّ من جديد. أنهضها الرجل ذو الثياب الخضر بيده المجبولة من الرحمة العُلويّة والحنان، وقال لها بعذوبة سماويّة خاصّة:
ـ شُفيتِ يا آبنتي، أنتِ ما عُدتِ مريضة.
أفاقت الفتاة، وعلى وجهها أمارات الحَيرة والآستغراب. نهضت باكية العينين، واندفعت تحتضن النافذة بصيحة ودموع.
* * *
ومُجدَّداً.. عادت الحياة إلى أسرة بُرزُو. وعادت فتاة المزرعة الطيّبة تمنح ـ بابتسامتها الصافية ـ الحيويّةَ والمرح للسهول، وتغرس بنظراتها الودودة الآمنة أزهارَ الرضا والامتنان في كلّ المزارع والبساتين.
( تأليف وإعداد إبراهيم رفاعة من أصل الواقعة المنشورة في مجلة الزائر، ص 22 ـ 23، السنة الأولى، العدد 7، تشرين الأوّل 1995 )
۞ رد الشبهات حول الامام الرضا (ع) ۞
السؤال
أرى بعضا من الأخوة المؤمنين يتوقفون في أمر المأمون معتقدين تشيعه . ففي الوقت الذي يثار ضد هذا الرجل إتهامات متعددة كقتل الرضا عليه السلام وتدبيره المؤامرة ضد أخوته ، يثار أيضا طلبه الملح على الإمام بقبول الخلافة ، وبتأييده لأفكاره عليه السلام ، وتقريبه للعلويين ، واضطهاد غيرهم كجلده للمحدث أحمد بن حنبل ، ودفن الإمام بجنب أبيه ، وما أشبه ذلك .. ما هو القول الفصل في شأن هذا الرجل تأريخيًا ؟
الجواب
لم يكن تنصيب المأمون للرضا (ع) ولياً للعهد حباً وايمانا بإمامة الرضا (ع) ، بل سيطرة على الاوضاع السياسية في كل العالم الإسلامي التي كانت تنقض على النظام للدولة العباسية ، ولا سيما انتشار الشيعة واشتداد شوكتهم . ومن ثم قام هارون والد المأمون بسجن الكاظم (ع) المدة الطويلة بعد أن أبلغته عيونه وجواسيسه بتنامي شيعة أهل البيت عدداً وعدّة . وقد حدثت عدة ثورات من الطالبيين بشكل مكثف منذ اواخر عهد الصادق (ع) وعهد الكاظم (ع) كثورة ذو النفس الزكية وغيرها . فكل المؤشرات كانت تصب في صالح قوة مكانة الرضا (ع) في العالم الإسلامي . وكان تدبير المأمون بمثابة امتصاص لهذا الغليان ، لا سيما وأن العباسيين انما أزلوا الأمويين بشعار الرضا من آل محمد (ص) ، واستغلوا عواطف المسلمين بذلك . نعم كان المأمون من بين خلفاء بني العباسي على اضطلاع بعلم الخلاف والكلام ، ويحيط بأدلة إمامة أهل البيت وحقانيتهم ، وميّالاً للإطلاع على علمهم ، ودفن الإمام بجنب ابيه امتصاصاً لللقمة . وقد رويت روايات كثيرة عن الرضا (ع) تبين حقيقة سياسات المأمون وانه فرعون ذلك العصر
*****
السوال
هل صحيح أن الإمام علي الرضا ( عليه السلام ) تزوج بنت المأمون ؟.. وكيف ذلك ، والمأمون يعتبر مغتصبا لحق الإمام الرضا في الخلافة ؟
الجواب
لا ملازمة بين أن يكون المأمون مغتصباً لحق الإمام الرضا عليه السلام ، وبين أن يتزوج الإمام الرضا عليه السلام بنته . إذ لا يشترط في البنت التي يريد أن يتزوجها أحد أن يكون أبوها عادلاً غير غاصب للإمامة ، هذا أولاً
وثانياً : فان المعصوم مكلف بالعمل بالظاهر ، وخير شاهد على ذلك أن رسول الله (ص) كان يعلم بمن يرتكب المعاصي من الصحابة .. فهل كان يجري عليهم الحدود والتعزيرات من دون أن تقوم عليهم بينة ؟ الجواب : لا ، لأن النبي (ص) والمعصوم (ع) مكلف بالعمل بالظاهر وما هو عليه الإنسان فعلاً ، مع غض النظر عن علمه بما ستكون عاقبته . لذلك نشاهد أن النبي (ص) تزوج بعائشة وحفصة ، وكذلك قال تعالى : (( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ))
وثالثاً : كما أن ولاية العهد كانت مؤامرة أجبر المأمون الامام الرضا عليه السلام على قبولها ، كذلك تزويج المأمون ابنته أم حبيب ، وضرب اسم الامام الرضا على الدنانير والدراهم ، كل ذلك كان من المخطط الذي رسمه المأمون وأجبر عليه الإمام الرضا عليه السلام .
هذا ، ونعلمكم بأن كل مخططات المأمون باءت بالفشل ، وذلك بتدبير من الإمام الرضا عليه السلام ، حيث كشف المأمون على حقيقته للناس
۞ صلاة ليلة الخميس ۞
عن النبي (ص) : من صلى ركعتين بين العشاءين بالحمد مرة وآية الكرسي والقلاقل ( التوحيد والمعوذتين والكافرون ) كل سورة منهم خمساً ، فإذا سلم استغفر الله خمس عشرة مرة وجعل ثوابها لوالديه فقد أدى حقهما
۞ زيارة عاشوراء نسالكم الدعاء ۞